بسم الله الرحمن الرحيم.
منذ مدة ليست بالطويلة بدأ بعض أصدقائي وإخوتي من الكتاب أحداث الأسنان، ممن أقر بأنهم وهبوا أقلاما مبدعة، وإن كان عليهم الاعتدال في الإحبار ومراعاة روح العربية التي هي عمادها، يعز علي رؤيتها مطلقة أعنتها في فضاء التفكير المتحرر من مدارك العقل العاقل إلى ملاعب العقل المتسلط تارة والمتطاول تارة أخرى. حذار، إخوتي، فلست بالهاجم أو المتطاول، إنما أسعى إلى تقديم رأي أجد علي إبداؤه قبل غروب نهارنا. رأي تبرره بسنين الخبرة وتنوع مجالات العمل واختلاف ألوان العلاقات.
إخوتي. أقر معكم بأن أمتنا تعيش منذ قرون نكسات متتالية اللاحقة منها أعتى من السابقة، وكذلك الأجيال في تواترها، كما أقر معكم عموما بأن معظم تجاربنا الفردية والأسرية والحزبية والتعاونية هي في غايتها القصوى مقطع نووي من الخلية الكبيرة، لذا لا غرو أننا نرث الغساد والتخلف ونورثهما بشروطهما وأسبابهما. لكن لا ينبغي علينا نقمة من عوالمنا ومحيطنا من الأسرة إلى الدولة أن نجلد ذواتنا ونذرو البقية الباقية من بذورنا افتتانا بزع الآخر. إياكم وذلك. فتربته غير تربتنا وكذلك بذره وسقيه.
أصدقائي الأعزاء، لئن كانت أفكار صامويل هنتنغتون حول صدام الحضارت قد أضحت من أدبيات الثقافة السياسية المتجاوزة، إلا أن لها بعض المصداقية، انظروا إلى خارطة الصراع والدماء في العالم العربي والإسلامي. وانظروا كذلك إلى ثوابت السياسية الخارجية للغرب والشمال عموما. لست هنا بصدد شرحها وتفصيلها. أعزائي، إن اختلافنا عن هذا الاخر هو أول شروط المثاقفة الواعية معه. تلك المثاقغة التي لاتتعدى حدود الشرع، مهما كان ألق المكاسب التي قد تجنى من عبور تلك الحدود نحو فضاءات ذلك الآخر. وهو كما تعلمون عبور قد تكون تذكرته بلا عودة. إلا من رحم الله. فالنراع تلك الحدود في أقوالنا وكتاباتنا وأفعالنا، فذلكم لعمري هو جماع النضج والشجاعة المعرفيين. ولكم في الفن المعاصر والأحداث التي تمور حولنا مندوحة للتحليل والنقد، دون تعريض بأي من مقدستنا أو شعائرنا “ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” “ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه”.
وكما تعلمون أعزائي فالاحتراف في الكتابة هو أن تبلغ غايتك دون أن تؤذي أو تجرح. فالخصم الماكر هو من يفلح في استفزازك فتفقد أعصابك ويكثر سقطك ويتشتت تركيزك فتضيع قيمك مهما كانت صلابتها. وقديما قيل “إن أعتى ضربة تسددها إلى خصمك هي انتصارك على نفسك بإصلاحها وضبطها”. أدعو الله لي ولكم بقوله “إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين” آمين.